مختارات من الشعر

تثبتْ بالأمورِ ولا تبادرْ * لشيءٍ دونَما نظرٍ وفكرِ
قبيحٌ أن تبادرَ ثم تُخطي * وترجعَ للتَّثَبُّتِ دونَ عُذرِ

رَأيْتُ الدهرَ مختلفاً يدورُ * فلا حُزْنٌ يدومُ ولا سرورُ
وقد بَنَتِ الملوكُ به قصوراً * فلم تبقَ الملوكُ ولا القصور

ومن يُنْفِقِ الساعاتِ في جمع مالهِ * مخافةَ فَقْرٍ فالذي فعلَ الفقرُ

يا ابنتي إِن أَرَدْتِ آيةَ حُسْنٍ *** وجمالاً يزينُ جِسماً وعقلا
فانبذي عادَةَ التَّبَرُّجِ نبذاً * *** فجَمالُ النفوسِ أَسما وأَعلى
صبغةُ اللّهِ صبغةٌ تبهرُ النفـ *** ـسَ ، تعالى الإِلهُ عزَّ وجَلا
ثم كوني كالشمسِ تسطعُ للنا ** * سِ سواءٌ: من عَزّ منهم وذَلاَّ
زينةُ الوَجْهِ أن ترى العينُ فيه *** شرفاً يسحرُ العيونَ ونُبْلا
واجْعَلِي شيمةَ الحياءِ خِماراً *** فهو بالغادةِ الكريمةِ أَولى
ليسَ للبنتِ في السعادةِ حظٌّ *** إن تناءى الحَياءُ عنها ووَلَّى
والبسِي من عفافِ نفسِك ثوباً *** كلُّ ثوبٍ سواهُ يفنى ويَبْلى
وإِذا ما رأيتِ بُؤْساً فجُودي *** بدموعِ الإحسان يَهْطُلْنَ هطلا
فدموعُ الإِحسانِ أنضرُ في الخدِّ *** وأبهى من اللآلي وَأَغْلَى
وانظري في الضميرِ إِن شِئْتِ مرآ *** ةً ففيه تبدو النفوسُ وتجلى

يَنْشا الصغيرُ على ما كانَ والدهُ * إن العروقَ عليها يَنْبُتُ الشجرُ

إذا ما خَلَوْتَ الدهرَ يوماً فلا تقلْ *** خلوتُ ولكن قلْ: عليَّ رقيبُ
ولا تحسبنَّ اللّه يغفلُ ساعةً *** ولا أن ما يخفى عليه يَغيبُ
ألم تر أن اليومَ أسرعُ ذاهبٍ *** وأن غداً للنلظرين قريبُ

فعليكَ تقوى اللّه فالزمْها تفزْ * إِن التقىَّ هو البهيُّ الأهيبُ
واعملْ لطاعتهِ تنلْ منه الرضا * إِن المطيعَ لربه لمقربُ

أحِبُّ الصالحين ولست منهم * لعلي أن أنالَ بهم شفاعةْ
وأكرهُ من تجارتُه المعاصي * ولو كنا سواءً في البضاعةْ

حقيقٌ بالتواضعِ من يَموتُ * ويكفي المرءَ من دُنْياهُ قوتُ
فيا هذا سترحلُ عن قريبٍ * إِلى قومٍ كلامُهمُ سكوتُ

إذا شاعَ الحريقُ ببيت جارٍ * فبيتُكَ قد يصيرُ إِلى السعيرِ
ومن يَخْذلْ أخاه في الرزايا * يَظَلُّ على الزمانِ بلا نصيرِ

يرى الجبناءُ أن العجزَ فخرٌ *** وتلكَ خديعةُ الطبعِ اللئيمِ
وكُلُّ شجاعةٍ في المرءِ تُغْنِي *** ولا مثلَ الشجاعةِ في الحكيم

سرُّ النجاحِ على الدوام ***** هو أن تسيرَ إِلى الأمامْ
فإِلى الأمامِ أكانَ عصرُ ***** ك عصرَ حربٍ أم سلامْ
وإِلى الأمامِ إِلى الأما ****** م وإِن تكنْ أنتَ الإمامْ
نِعْمَ الشعارُ لمن أرا ******* دَ لنفسهِ عيشَ الكِرامْ
زاحمْ وسِرْ نحوَ الأما ******* م فإِنما الدنيا زِحامْ



محمد الأسمر المصري‏

يا خادمَ الجسمِ كَمْ تشقى بخدمتهِ * لتطلبَ الربحَ فيما فيه خُسْرانُ


أقبلْ على النفسِ فاسْتَكْمِلْ فضائلها * فأنتَ بالنفسِ لا بالجسمِ إِنسانُ

لقاءُ الناسِ ليس يفيدُ شيئاً * سوى الهذيانِ من قيلٍ وقالِ
فأقللْ من لقاءِ الناسِ إِلا * لأخذِ العلمِ أو إصلاحِ حالِ



محمد بن فرج الغساني

رأيْتُ سخيَّ النفسِ يأتيهِ رِزقهُ * هنيئاً ولا يُعطى على الحرصِ جاشعُ
وكلُّ حريصٍ لن يجاوزَ رزقه * وكم من موفّى رزقه وهو وادعُ

اصبرْ على كيدِ الحسو * دِ فإِن صَبْركَ قاتلهْ
فالنارُ تأكلُ بعضَها * إِن لم تَجِدْ ما تأكلُهْ



ابن المعتز

إِذا هَبَّتْ رياحُكَ فاغتنمْها * فعُقْبى كلِّ خافقةٍ سكونُ
وإِن دَرَّتْ نياقُكَ فاحتلبْها * فما تدري الفَصيلُ لمن يكونُ
ولا تغفلْ عن الإحسانِ فيها * فما تدري السكونُ متى يكونُ

وكُلُّ جراحةٍ فلها دواءٌ * وسوءُ الخلقِ ليسَ له دواءُ
وليس بدائمٍ أبداً نعيمٌ * كذاكَ البؤسُ ليس له بقاءُ

احذرْ من الدنيا ولا * تغترَّ بالعمرِ القصيرِ
وانظرْ إِلى آثارِ من * صَرَعَتْه منا بالغرورِ
عَمَروا وشادوا ما تَرا * هُ من المنازلِ والقصورِ
وتحوَّلوا من بعدِ سُكنا * ها إِلى سُكنى القبورِ




أسامة بن منقذ

وَلاَ خَيْرَ فِي وُدِّ امْرِئٍ مُتَلَوِّنٍ ** إِذَا الرِّيحُ مَالَتْ مَالَ حَيْثُ تَمِيلُ

تؤملُ في الدنيا طويلاً ولا تدري * إِذا جَنَّ ليلٌ هل تعيشُ إِلى الفجرِ
فكم من صحيحٍ ماتَ من غيرِعِلَّةٍ * وكم من عليلٍ عاشَ دهراً إِلى دهرِ
وكم من فتًى يمسي ويصبحُ آمناً * وقد نُسِجَتْ أكفانهُ وهو لا يدريِ

يا من بدنياهُ اشتغلْ * وغَرَّهُ طولُ الأملْ
الموتُ يأتيْ بغتةً * والقبرُ صندوقُ العملْ