مفهوم الشرط :
الشرط عند المتكلمين : مايتوقف عليه المشروط ولا يكون داخلا في المشروط ولا مؤثرا فيه .
وعند النحاة : مادخل عليه أحد الحرفين : ( إن ) أو ( إذا ) أو مايقوم مقامهما .
ومفهوم الشرط :
تعليق الحكم على الشيء بأداة من أدوات الشرط ك( إن ) و( إذا ) و( متى ) وغيرها من أدوات الشرط .
أو هو:
دلالة اللفظ المقيد لحكم مقيد بشرط ثبوت نقيض هذا الحكم للمسكوت عنه الذى انتفى عنه هذا الشرط .
وتعليق الحكم على الشيء بأداة الشرط فيه أمور أربعة :
1- ثبوت المشروط عند الشرط .
2- دلالة أداة الشرط على ثبوت المشروط عند ثبوت الشرط .
3-عدم المشروط عند عدم الشرط.
4- دلالة أداة الشرط على انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط.
الثلاثة شروط الأولى محل اتفاق بين العلماء .
فمثلا : قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن )
يثبت المشروط عند الشرط فيجب الانفاق عند وجود الحمل .
فا لأمور الثلاثة ثابتة باتفاق .
أما الأمر الرابع وهو كون كلمة ( إن ) تدل على انتفاء الانفاق عند انتفاء الحمل فهذا هو محل الخلاف :
مذاهب العلماء في مفهوم الشرط :
ذهب أكثر العلماء : أن تعليق الحكم بالشرط يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء ذلك الشرط وثبوت نقيضه .
وذهب بعض المعتزلة والامام الغزالي الى المنع . فتعليق الحكم بالشرط لا يدل على ثبوت نقيض الحكم عند انتفاء الشرط .
وانما يؤخذ حكم انتفاء المشروط عند انتفاء شرطه من البراءة الأصلية لا من مفهوم الشرط .
الأدلة :
استدل القائلون بحجية مفهوم الشرط بما يلي :
أولا : أن مفهوم الشرط أقوى من مفهوم الصفة وقد ثبت أن مفهوم الصفة حجة فيكون مفهوم الشرط حجة من باب أولى ؛ فكل دليل يدل على مفهوم الصفة يدل أيضا على مفهوم الشرط .
ثانيا : أنه اذا كان الحكم معلقا على شرط دل ذلك على أن الحكم مشروط بوجود الشرط فان الشرط مصحح له ولو وجد الحكم مع عدم الشرط لترتب على ذلك خروج الشرط عن كونه مصححا للحكم سواء كانت هذه الشرائط عقلية أو نقلية .
فالشرائط العقلية : مثل : الحياة فانها شرط في العلم والقدرة والارادة ولا وجود لهذه الصفات الا بالحياة بمعنى أنه اذا انعدمت الحياة انعدمت هذه الصفات .
والشرائط النقلية مثل : الطهارة وستر العورة شرط في صحة الصلاة فلا وجود للصلاة بدون الطهارة وستر العورة.
فثبت بهذا أنه اذا علق الحكم على شرط انتفى الحكم بانتفاء الشرط .
ثالثا :
ماروي أن يعلى بن أمية قال لعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -
مالنا نقصر وقد أمنا ) وقد قال تعالى : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) ؟
فلو لم يفهما ( يعلى وعمر ) أن المعلق على الشيء بكلمة ( أن ) يعدم عند عدم ذلك الشيء لم يكن لذلك التعجب معنى . ولما أقرها الرسول على ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل .
واستدل القائلون بعدم حجية مفهوم الشرط بما يلي :
لو كان مفهوم الشرط حجة وأن أداة الشرط تدل على انتفاء المشروط عند انتفاء الشرط لكان قوله تعالى ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا ) دالا على أنهن اذا لم يردن التحصن كان الاكراه غير حرام .
لكن الآية لا تدل على ذلك بل الزنا حرام عند ارادة التحصن وعند عدمها اجماعا . فلا تكون (أن) دالة على نفي المشروط عند انتفاء الشرط.
أجيب عن ذلك الدليل بما يلي :
أن الآية ليست في محل النزاع لأن شرط مفهوم المخالفة ألا تظهر للتخصيص بالذكر فائدة غير نفي الحكم عن المسكوت ؛ وهنا ظهرت فائدة وهي التقبيح والتشنيع على هؤلاء الذين يكرهون الاماء على الزنا ويحملوهن عليه حملا واذا ظهرت الفائدة فلا عمل بالمفهوم .